فصل: الوقوف:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.القراءات والوقوف:

قال النيسابوري:

.القراءات:

{أنبتت سبع} وبابه بالإدغام: أبو عمرو وحمزة وعلي وخلف وهشام وسهل. {يضعف} وبابه: ابن كثير وابن عامر ويزيد ويعقوب. الباقون {يضاعف} {رياء الناس} غير مهموز حيث كان يزيد والشموني والخزاعي عن ابن فليح وحمزة في الوقف. الباقون بالهمزة. {الكافرين} بالإمالة: أبو عمرو وعلي غير ليث وأبي حمدون وحمدويه ورويس عن يعقوب، وكذلك ما كان محله النصب من الإعراب كل القرآن {بربوة} بفتح الراء حيث كان ابن عامر وعاصم. الباقون بضمها {أكلها} وبابه ساكنة الكاف: ابن كثير ونافع وافق أبو عمرو فيما اتصلت بالهاء والألف {بما يعملون بصير} بالياء التحتانية: أبو عون عن قنبل. الباقون بالتاء للخطاب.

.الوقوف:

{مائة حبة} ط، {لمن يشاء} ط، {عليم} O {عند ربهم} ج لعطف المختلفتين، {يحزنون} O {أذى} ط {حليم} O {والأذى} لا لتعلق كاف التشبيه أي إبطالًا مثل إبطال الذي، {الآخر} ط، {صلدا} ط، {كسبوا} ط، {الكافرين} O {ضعفين} ج لابتداء الشرط مع فاء التعقيب واتحاد الكلام، {فطل} ط، {بصير} O {الأنهار} لا لأن ما بعده صفة لجنة أيضًا، {الثمرات} لا لأن الواو وللحال، {ضعفاء} ص والوصل أولى والوقف على {فاحترقت} ط لتناهي مقصود الاستفهام والمعنى: أيحب أحدكم احتراق جنة صفتها كذا في حال كذا؟ {تتفكرون} O. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

في كيفية النظم وجوه:
الأول: قال القاضي رحمه الله: إنه تعالى لما أجمل في قوله: {مَّن ذَا الذي يُقْرِضُ الله قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً} فصل بعد ذلك في هذه الآية تلك الأضعاف، وإنما ذكر بين الآيتين الأدلة على قدرته بالإحياء والإماتة من حيث لولا ذلك لم يحسن التكليف بالإنفاق، لأنه لولا وجود الإله المثيب المعاقب، لكان الإنفاق في سائر الطاعات عبثًا، فكأنه تعالى قال لمن رغبه في الإنفاق قد عرفت أني خلقتك وأكملت نعمتي عليك بالإحياء والأقدار وقد علمت قدرتي على المجازاة والإثابة، فليكن علمك بهذه الأحوال داعيًا إلى إنفاق المال، فإنه يجازي القليل بالكثير، ثم ضرب لذلك الكثير مثلًا، وهو أن من بذر حبة أخرجت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة، فصارت الواحدة سبعمائة.
الوجه الثاني: في بيان النظم ما ذكره الأصم، وهو أنه تعالى ضرب هذا المثل بعد أن احتج على الكل بما يوجب تصديق النبي صلى الله عليه وسلم ليرغبوا في المجاهدة بالنفس والمال في نصرته وإعلاء شريعته.
والوجه الثالث: لما بين تعالى أنه ولي المؤمنين، وأن الكفار أولياؤهم الطاغوت بين مثل ما ينفق المؤمن في سبيل الله وما ينفق الكافر في سبيل الطاغوت. اهـ.

.قال القرطبي:

لما قص الله سبحانه ما فيه من البراهين، حث على الجهاد، واعلم أن من جاهد بعد هذا البرهان الذي لا يأتي به إلاَّ نبيّ فله في جهاده الثواب العظيم.
روى البستِيّ في صحيح مسنده عن ابن عمر قال: لما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رب زِد أُمّتي» فنزلت {مَّن ذَا الذي يُقْرِضُ الله قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً} [البقرة: 245] قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رب زد أُمتي» فنزلت {إِنَّمَا يُوَفَّى الصابرون أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10] وهذه الآية لفظها بيان مثال لشرف النفقة في سبيل الله ولحسنها، وضمنها التحريض على ذلك. اهـ.

.قال الفخر:

في الآية إضمار، والتقدير: مثل صدقات الذين ينفقون أموالهم كمثل حبة وقيل: مثل الذين ينفقون أموالهم كمثل زارع حبة. اهـ.

.قال القرطبي:

روي أن هذه الآية نزلت في شأن عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما؛ وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حث الناس على الصدقة حين أراد الخروج إلى غزوة تَبُوكَ جاءه عبد الرّحمن بأربعة آلاف فقال: يا رسول الله، كانت لي ثمانية آلاف فأمسكت لنفسي ولعيالي أربعة آلاف، وأربعة آلاف أقرضتها لربي.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بارك الله لك فيما أمسكت وفيما أعطيت».
وقال عثمان: يا رسول الله عليّ جهاز من لا جهاز له؛ فنزلت هذه الآية فيهما وقيل: نزلت في نفقة التطوّع. وقيل: نزلت قبل آية الزكاة ثم نُسخت بآية الزكاة، ولا حاجة إلى دعوى النسخ؛ لأن الإنفاق في سبيل الله مندوب إليه في كل وقت. وسُبُل الله كثيرة أعظمها الجهاد لتكون كلمة الله هي العليا. اهـ.

.قال الفخر:

معنى {يُنفِقُونَ أموالهم فِي سَبِيلِ الله} يعني في دينه، قيل: أراد النفقة في الجهاد خاصة، وقيل: جميع أبواب البر، ويدخل فيه الواجب والنفل من الإنفاق في الهجرة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن الإنفاق في الجهاد على نفسه وعلى الغير، ومن صرف المال إلى الصدقات، ومن إنفاقها في المصالح، لأن كل ذلك معدود في السبيل الذي هو دين الله وطريقته لأن كل ذلك إنفاق في سبيل الله. اهـ.

.قال أبو حيان:

وهذه الآية شبيهة في تقدير الحذف بقوله: {ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق} فيحتمل أن يكون الحذف من الأول، أي: مثل منفق الذين، أو من الثاني: أي كمثل زارع، حتى يصح التشبيه، أو من الأول ومن الثاني باختلاف التقدير، أي: مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ومنفقهم.
كمثل حبة وزارعها.
وقد تقدم الكلام في تقرير هذا الوجه في قصة الكافر والناعق، فيطالع هناك.
وهذا المثل يتضمن التحريض على الإنفاق في سبيل الله جميع ما هو طاعة، وعائد نفعه على المسلمين، وأعظمها وأعناها الجهاد لإعلاء كلمة الله وقيل: المراد: بسبيل الله، هنا الجهاد خاصة، وظاهر الإنفاق في سبيل الله يقتضي الفرض والنفل، ويقتضي الإنفاق على نفسه في الجهاد وغيره، والإنفاق على غيره ليتقوى به على طاعة من جهاد أو غيره.
وشبه الإنفاق بالزرع، لأن الزرع لا ينقطع. اهـ.
وقال أبو حيان:
وفي تمثيل النفقة بالحبة المذكورة إشارة أيضًا إلى البعث، وعظيم القدرة، إذ حبة واحدة يخرج الله منها سبعائة حبة، فمن كان قادرًا على مثل هذا الأمر العجاب، فهو قادر على إحياء الموات، ويجامع ما اشتركا فيه من التغذية والنمو. اهـ.

.قال البقاعي:

ولما كان التقدير: فكما ضاعف سبحانه وتعالى للزارع حبته فهو يضاعف للمنفق نفقته، عطف عليه قوله: {والله يضاعف لمن يشاء} بما له من السعة في القدرة وكل صفة حسنى {والله} أي بما له من الكمال في كل صفة {واسع} لا يحد في صفة من صفاته التي تنشأ عنها أفعاله {عليم} فهو يضاعف لأهل النفقة على قدر ما علمه من نياتهم؛ ولما ختم أول آيات هذه الأمثال بهاتين الصفتين ختم آخرها بذلك إشارة إلى أن سعته قد أحاطت بجميع الكائنات فهو جدير بالإثابة في الدارين، وأن علمه قد شمل كل معلوم فلا يخشى أن يترك عملًا. اهـ.

.قال الفخر:

قوله تعالى: {والله يضاعف لِمَن يَشَاء} وليس فيه بيان كمية تلك المضاعفة، ولا بيان من يشرفه الله بهذه المضاعفة، بل يجب أن يجوز أنه تعالى يضاعف لكل المتقين، ويجوز أن يضاعف لبعضهم من حيث يكون إنفاقه أدخل في الإخلاص، أو لأنه تعالى بفضله وإحسانه يجعل طاعته مقرونة بمزيد القبول والثواب.
ثم قال: {والله سَمِيعٌ} أي واسع القدرة على المجازاة على الجود والإفضال عليهم، بمقادير الانفاقات، وكيفية ما يستحق عليها، ومتى كان الأمر كذلك لم يصر عمل العامل ضائعًا عند الله تعالى. اهـ.

.قال القرطبي:

اختلف العلماء في معنى قوله: {والله يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ} فقالت طائفة: هي مبيِّنة مؤكدة لما تقدّم من ذكر السبعمائة، وليس ثمَّ تضعيف فوق السبعمائة.
وقالت طائفة من العلماء: بل هو إعلام بأن الله تعالى يضاعف لمن يشاء أكثر من سبعمائة ضعف.
قلت: وهذا القول أصحُّ لحديث ابن عمر المذكور أوّل الآية.
وروى ابن ماجة حدّثنا هارون بن عبد الله الحمال حدّثنا ابن أبي فُديك عن الخليل بن عبد الله عن الحسن عن عليّ بن أبي طالب وأبي الدرداء وعبد الله بن عمر وأبي أُمامة الباهليّ وعبد الله بن عمرو وجابر بن عبد الله وعمران بن حصين كلهم يحدّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من أرسل بنفقة في سبيل الله وأقام في بيته فله بكل درهم سبعمائة درهم ومن غزا بنفسه في سبيل الله وأنفق في وجهه فله بكل درهم سبعمائة ألف درهم ثم تلا هذه الآية والله يضاعف لمن يشاء الله» وقد روي عن ابن عباس أن التضعيف ينتهي لمن شاء الله إلى ألفي ألف.
قال ابن عطية: وليس هذا بثابت الإسناد عنه. اهـ.
وقال القرطبي:
في هذه الآية دليل على أن اتخاذ الزرع من أعلى الحِرف التي يتخذها الناس والمكاسب التي يشتغل بها العمال؛ ولذلك ضرب الله به المثل فقال: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ} الآية.
وفي صحيح مسلم عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: «ما من مسلم يغرس غرسًا أو يزرع زرعًا فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلاَّ كان له صدقة» وروى هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «التمسوا الرزق في خبايا الأرض» يعني الزرع، أخرجه الترمذيّ.
وقال صلى الله عليه وسلم في النخل: «هي الراسخات في الوَحَل المُطْعِمات في المَحْل» وهذا خرج مخرج المدح.
والزراعة من فروض الكفاية فيجب على الإمام أن يجبر الناس عليها وما كان في معناها من غرس الأشجار.
ولقِي عبد الله بن عبد الملك بن شهاب الزُّهْريّ فقال: دُلّني على مالٍ أعالجه؛ فأنشأ ابن شهاب يقول:
أقول لعبد اللَّه يوم لقيته ** وقد شدّ أحْلاسَ المطِيّ مُشرِّقا

تتَبَّع خَبايا الأرض وادع مليكَها ** لعلّك يومًا أن تُجاب فتُرزقا

فيؤتيك مالًا واسعًا ذا مَثابَة ** إذا ما مياهُ الأرض غارتْ تدَفّقا

وحُكي عن المعتضد أنه قال: رأيت عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه في المنام يُناولني مِسْحاة وقال: خذها فإنها مفاتيح خزائن الأرض. اهـ.